من صنع الغربيين وَردَ على هذه البلاد في علب مزيّنة وصناديق مقفلة وأوراق ملفوفة وطوى المراحل الطّويلة وتعاورته الأيدي الكثيرة حتى جعل رهن أمر جيشنا والحال أنّه من بلادنا وصنع أبنائها صنعوه ليدفعوا فيه عن حياضهم ومن صنع إبرةً لخدمة الجيش بحسب طاقته ومعرفته فحكمه حكم من صنع مدفعاً ومن مشى خطوةً في طريق الخير فأجره أجر من مشى خطوةً في طريق الخير فأجره أجر من مشى خطوات والتّكليف على قدر الاستطاعة
أمّا ملئ الخرطوش وصنع القذاف واستجادة أحسنها طرازاً وأفعلها وقت الحاجة فهذا ليس من شأننا البحث فيه وإنّما يقال على وجه الإجمال أنّ هذا النّوع من أنواع قوّة الجيش يعمل منه هنا القدر اللازم مما يوفّر عناء النّقل من جنسه المصنوع في معامل دار الخلافة العلية على ما هو معروف.
السّروج والخيام
ربّما كان من قليلي الخبرة من إذا سمع أنّ الحكومة متوفّرة الليل والنّهار على اصطناع السّروج للخيل والمحفات والحداجات للجمال وما يلزم المسافر في البوادي من الخيام والقرب والرّوايا والمطرات وخرائط الخرطوش وغيره أن يقول وهل هذا من المكانة بالموضع الذي تضعونه فيه فكلٌّ منّا يرى ويسمع أن هذه الصناعات موجودة في البلاد لم تفقد ولا في زمن من الزمان ومصنوعاتها مبذولة بأهون الأسعار لكل طالب.
ولكن من عرف أنّ جيشنا يحتاج إلى عشرات الألوف من السّروج والحداجات للخيل والجمال ومن هذه المصنوعات الجلديّة إلى مئات الألوف ليستخدمها في حلّه مرتحله يدرك ما يقتضي لصنع هذا العدد الكبير من المواد والرّجال العاملين ولتهيئة مصنوعاتهم على صورة مقبولة متينة رخيصة، من ألفكر والقياس والبحث والحساب.
كلٌّ منا يعرف أنّ قطارات السكك الحديدية نازعت قطارات الجمال حتى في ألفيافي والبوادي وإن سفن البحر وسفن البرّ قضت أو كادت على الجمال والبغال والحمير والبقر والفيل في معظم أقطار الأرض ولكن من الأقطار مالا مندوحة لها عن الاستغناء عن هذه الحيوانات في مهماتها زمن الحرب وزمن السّلم ومهما كثرت آلات البخار في الأقطار لم نكف لأن تطوِّق البلاد كلّها بطوق من قطاراتها وتغدو وتروح في نقل الإنسان وحاجاته