الحجري قريبة من الصلاحية والإسفلت والملح والبورت تكثر قرب مدينة هيت القديمة فهذه الثروة الطبيعية أغنت العراق عن مد يد العوز والفقر إلى الأجنبي فقد مضت ثلاث سنوات على الحرب فلم يشك قلة البترول وهذه البواخر تسير في دجلة ووقودها الفحم الحجري العراقي وقس على ذلك أشياء كثيرة تظهر غنى العراق كالرخاء السائد في أقطاره في حين تشتد الضيق وتعسر المعيشة في الأقطار الأخرى ومن أدلة فقر القطر السوري بالنسبة إلى العراق مدينة حلب فأنهارها لا تكفي لإرواء بقاعها الواسعة ولولا مياه الأمطار التي يخزنها الحلبيون في الصهاريج على طراز فني أو غيره لماتوا عطشاً وظمأً وهكذا أقل عن القدس وهي تعد من أمهات مدن الشام وحينما كنا نقرأ في كتب تخطيط البلدان العربية كمعجم ياقوت وابن حوقل والبلاذري وابن خردانة والمسعودي ما خطته أنامل الكتبة القدماء ورددته السن الشعراء عن نهر قويق الذي يمر بجلب من الإطراء والمديح حتى قالوا أنه أعذب من النيل وأصفى من الفرات، كنا نحسب إخواننا الحلبيين يشربون نميراً ورحيقاً ولكن حينما كتب لنا الحظ بالسياحة إلى سورية وأطلعنا على هذا النهر الصغير الذي لا يصلح ماؤه للشرب ولا للطبخ المآكل عرفنا حينئذٍ أن الشعراء مبالغون على الأكثر وأن استخراج الحقائق من بين ثنايا أقوال الشعراء أمر محال.
قلنا ان العراق أوسع تجارة من سورية وربما يلاقي بعض الناقدين هذا القول بالحيرة والاستغراب أو يحمولنه على محمل المبالغة والغلو بدليل أن سورية أقرب من العراق إلى القارة الأوروبية وأن أعلها ورثوا علم الاقتصاد والتجارة منذ أزمنة قديمة عن أجدادهم الفينيقيين فهي سياج الجزيرة العربية ومنفذها الوحيد إلى أوروبا والاستانة ومصر والحجاز واليمن كما أنها ملتقى الطرق البحرية فلا يعقل بعد كل هذه المميزات أن يسبقها العراق إلى تجارة هي أعرق منه وأعرف بها وبطرقها فنجيبه حينئذٍ إذا كان السوريون أبناء الفينيقيين فالعراقيون أحفاد البابليين وإذا صح أن دولة حمورابي هي أول دولة متمدنة في العالم اشتغلت بالتجارة والعلوم كما نطقت به الآثار والأسانيد التاريخية نفير غريب وليس بعيداً أن يسبق العراقيون غيرهم في معترك الحياة الاقتصادية.
ومما يزيد تجارة العراق نمواً واتساعاً هو كون مدينة الزوراء فرضة تجارية لأكثر بلاد فارس وديار الكرد وهذا هو سر التزاحم الأوروبي على نيل امتياز خط حديدي يمتد من