وظهور النبوة المحمدية في قريش ورؤيا الموبذان التي فسرها سطيح بالنبوة وخراب فارس وكان للعرب اعتقاد بالعرافة فوردت في أشعارهم كثيراً وقد قال أحدهم:
جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف نجد أن هما شفياني
فقالا شفاك الله والله ما لنا ... بما حملت منك الضلوع يدان
ومن هذا القبيل شفاء المرض والطلاسم والعزائم والاستحمام بالمياه المقدسة والتبرك بالأحجار والأستار وهذا أمر شائع لدى جميع الأمم ففي فرنسا يغتسل المرضى بمياه القديسة ويعتقدون أنها تشفي من الأسقام المعضلة وفي بغداد بئر ينسبون إليه القدسية قريبة من مرقد الجنيد الصوفي فإذا المرأة وانقطعت عنها الولادة ذهبت يوم الأربعاء أو يوم الاثنين فتغتسل بماء البئر فتحمل ليومها وإذا أعضل المرض على بعضهم ذهب ليلة الأربعاء وقام بين صخور مقدسة في ضريح الجنيد فيخرج صباحاً وهو على جانب عظيم من النشاط وربما أتاه الجنيد ليلاً وباركه ومسح بدنه بيده الكريمة وحينئذ تقام النذور وتتوزع الصدقات وقد عللت أحدى مجلات مصر العلمية ذلك بأن للاعتقاد تأثيراً كبيراً في الشفاء وأطلقت عليه الشفاء بلا درا لأنه متى أعتقد الليل بأن هذا المرض يزول بالتبرك والاغتسال أو الطلاسم والعزائم يكن شافياُ معافى إذ أن أكثر الأمراض منشأوها الأوهام وقد يكون الإنسان سليماً صحيح البدن فيتوهم أنه مريض ويظل في هذا الوهم إلى أن يعتقد بزوال علته.
يمكن القول بانطباق هذا التعليل على العقل والمنطق ففيه مسحة علمية وطلاء عقلي غير أن الأذهان تقف حائرة تجاه بعض الوقائع التي يؤاها النقد بعينه فيبقى بين التصديق والتكذيب مثال ذلك اتصال الأرواح ببعض البشر ومكالمتها إياهم بالإشارات وكالأنباء بالغيب على أثر حدوث انفعال في النفس أو تبدل فجائي فينتقل فيه المرء من عالم إلى عالم آخر تنويم السراق والمجرمين وحملهم على البوح بالأسرار إلى غير ذلك م الأمور الغريبة التي الفكر عن نقضها وتزييفها ربما عرضت هذه الوقائع لكثير من الناس في حياتهم وقد عرض لي حادث من هذا القبيل فقد كنت في إحدى مدن العراق فبل بضعة أعوام أتناول الطعام على مائدة أحد الأعيان فشعرت أثناء الأكل باضطراب عظيم انتقلت به من عالم إلى آخر فخيل لي أن أحد أركان العائلة أجريت له عملية جراحية فمات على