للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حيوان فيستديم ذلك الإحساس أو التخيل مستعيناً به في ذلك الانسلاخ الذي يقصده ويكون كالمشيع له وهذه القوة التي فيهم مبدأ لذلك الإدراك هي الكهانة ولكون هذه النفوس مفطورة على النقص والقصور من الكمال كان إدراكها في الجزئيات أكثر من الكليات ولذلك تكون المخيلة فيهم في غاية ١١ ولأنها آلة الجزئيات فتنفذ فيهم نفوذاً تاماً في نوم أو يقظة وتكون عندها حاضرة ١١ تحضرها لمخيلة ونكون لها كالمرآة تنظر فيها الصنف الذي يستعين بالكلام الذي فيه السجع والموازنة ليشتغل به عن الحواس ويقوى بعض على ذلك الاتصال الناقص فيهجس في قلبه عن تلك الحركة والذي يشيعها من ذلك الأجنبي ما يقذفه على لسانه فربما صدق ووافق الحق وربما كذب لأنه يتمم نقصه بأمر أجنبي عن ذاته المدركة ومباين لها غير ملائم فيعرض له الصدق والكذب جميعاً ولا يكون موثوقاً به وربما يفزع إلى الظنون والتخمينات حرصاً على الظفر بالإدراك بزعمه وتمويهاً على السائلين ثم أنتقل للكلام عن الناظرين في الأجسام الشفافة من المرايا وطساس المياه وقلوب الحيوان وأكبادها وعظامها وأهل الطرق بالحصى والنوى فقال أن كل هؤلاء من قبيل الكهان إلا أنهم أضعف رتبة منهم في أصل خلقهم لأن الكاهن لا يحتاج في رفع حجاب الحس إلى كثير معاناة وهؤلاء يعانونه بانحصار المدارك الحسية كلها في نوع واحد منها وأشرفها البصر فكيف على المرئي البسيط حتى يبدو له مدركه الذي يخبره عنه وربما يظن أن مشاهدة هؤلاء لما يرونه هو في سطح المرآة ليس كذلك بل لا يزالون ينظرون في سطح المرآة إلى أن يغيب عن البصر فيبدو فيما بينهم وبين سطح المرآة حجاب كأنه غمام يتمثل فيه صور هي مدار كهم فيشيرون إليهم بالمقصود لما يتوجهون إلى معرفته من نفي أو أثبات فيخبرون بذلك على نحو ما أدركوه وأما المرآة وما يدرك فيها من الصور فلا يدركونه في تلك الحال وإنما ينشأ لهم هذا النوع من الإدراك وهو نفساني ليس من أدراك البصر بل يتشكل به المدرك النفساني المحس كما هو معروف ومثل ذلك ما يعرض للناظرين في قلوب الحيوانات وللناظرين في الماء والطساس وأمثال ذلك وقد شاهدنا من هؤلاء من يشغل الحس بالبخور فقط ثم بالعزائم للاستعداد ثم يخبركما أدرك ويزعمون أنهم يرون الصور متشخصة في الهواء تحكي لهم أحوال ما يتوجهون إلى إدراكه بالمثال والإشارة.

وأما الزجر فهو ما يحدث من بعض الناس من التكلم بالغيب عند سنوح طائر أو حيوان