ويُدلك شديداً حتى يمتزج ثم يُندر منه نواه وربما جُعل فيه سويق. ولم يكن من الخبز قط). قال في الآثار الباقية ص ٢١٠: كان بنو حنيفة قبل مُسيلمة اتخذوا في الجاهلة صنماً من حيس فعبدوه دهراً. ثم أصابتهم مجاعة فقال رجل من بني تميم: أكلت ربها. البيت. وقال آخر: أكلت حنيف. البيت. فأين هذا مما ذهب إليه حضرة الأب؟ فلا جرم أنه واهمٌ بل موهِم.
وقال حضرته في المشرق ٧: ٦٢١ وكان المنتصرون من أهل الجاهلية يعبدون الصليب كما دل عليهم بعضهم في هجو بني عجل وكانوا نصارى:
تهدّدني عجلٌ وما خلت أنني ... خلاةٌ لعجل والصليب لها بعلُ اهـ
قلنا: ولم يكن بنو عجل كلهم نصارى بل بعض منهم. وإلا فإن أغلبهم كانوا على الوثنية دين دهما العرب لا النصرانية كما يريد الأب أن يوهمه. إذ بنو عجل كانوا من بكر بن وائل ووجود الوثنية في بطون بكر أمرٌ لا يحتاج إلى إيضاح.
فأدخل وهمين في هذا الكلام. أولاً جعل الزبرقان من النصارى كما أوضح ذلك ببين العبارة في شرح المجاني ص ١٣٥ إذ قال: كان (الزبرقان) في الجاهلية سيداً يدين بالنصرانية وهو القائل:
وفد مع بني تميم على نبي المسلمين سنة ٩ هـ / ٦٣١ م بنو تميم وأجازهم محمد
اه المقصود من إيراده.
والحال أن الزبرقان لم يكن هنيهةً من الزمان نصرانياً فلو سلمنا له أن رواية البيت وفينا تنصب البيع صحيحة لكان لفظ البيع هنا جمع بيعة بكسر الأول مثل الحلبة والركبة للنوع والهيئة. والمراد مبايعة الملوك وطاعتهم والمعاقدة على ولائهم والمعاهدة عليه كأن كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره. ومحصل معنى البيت على هذا هو: نحن الملوك والكرام أو القروم وفي شأننا تجري عقود البيعة لا مستحق لها غيرنا. وهذا معنى يلائم ما قبله وما بعده ويمتزج معهما امتزاج الماء بالراح لا