أن البيع جمع بيعة وهي كنيسة اليهود أو النصارى على ما ذكره أهل اللغة فإنه مع عدم ملائمته للكلام منافٍ لما صرح به أهل المقالات ومن تكلم على أديان العرب. والدليل إذا طرقه الاحتمال بطل به الاستدلال.
على أن للبيت رواية ثانية ذكرها صاحب الأغاني ٤: ٨ وهي:
نحن الملوك فلا حي يقاربنا ... من الملوك وفينا يؤخذ الربع
وفي زاد المعاد وقد ذكر القصة مفصلة في الصفحة ٤٥٢ من الجزء الثاني رواية ثالثة وهي:
نحن الكرام فلا حي يعادلنا ... منا الملوك وفينا يُنصب السبُعُ
وفسر السبع أنه يوم عيد من أعياد الجاهلية. فكيف يقول إن الزبرقان نصرانياً وأي كاتب من الكتبة الأقدمين أو المحدثين يقول بهذا القول الفج والبراهين متضافرة ومتكاتفة ومتساندة على كونه خالياً من دين عيسى بن مريم.
والوهم الثاني الذي حاول إدخاله في العقول هو تأييد بني تميم أنهم كانوا كلهم على النصرانية. وهو يزعم ذلك في جميع ما يكتبه فقد قال في المشرق ٧: ٦١٨ اشتهرت (عدة قبائل) بالنصرانية قبل الهجرة كتغلب وتميم وكندة اه. فنحن نقول: إنه لم يوجد في عهد الجاهلية قبيلة واحدة كان يدين جميع أفرادها بالنصرانية لا كندة ولا تميم ولا بكر ولا تغلب لا بل ولا غسان فإن هذه القبائل كانت أحياء وبطوناً تعبد الأصنام أو كانت على غير النصرانية فقد بينا لك ما كانت عليه غسان من اختلاف الأديان. وهذه تغلب المشهورة بكونها نصرانية فإنها لم تكن كذلك في عهد الجاهلية.
أما كون بعضها كان يعبد الأصنام فهذا ما لا ريب فيه. قال ياقوت في معجمه في مادة أوال (١: ٣٩٥) أوال اسم لصنم كان لبكر بن وائل وتغلب بن وائل اه. وكانت تغلب من ربيعة وكانت تلبية ربيعة عند وقوفها عند صنمها هذه: لبيك ربنا لبيك. لبيك إن قصدنا إليك. وبعضهم يقول: لبيك عن ربيعة. لربها مطيعة. اه عن تاريخ اليعقوبي ١: ٢٩٦ ولم تكن التغالبة ممن كانوا يعبدون الأصنام عبادة بدون أن يعتقدوا بصحتها ولذا تراهم يحلفون بها. ومن ذلك كلام جساس حينما سأله أبوه مرة بعد قتله لكليب: ما وراءك يا بني؟ قال: طعنت طعنة لتشغلن شيوخ وائل رقصاً. قال: أقتلت كليباً؟ قال. إي وأنصاب وائل وأي قتل. (عن