بهذا الخصوص فأتمها على يد حفيده امرئ القيس. وعليه فأي الروايتين أصح؟ وأيهما نصدق؟ لاشك أن التعصب يبين من أثناء السطور. واللسان شاهد على ما في الصدور.
وإليك الآن دليله السابع: من الدلائل على نصرانية امرئ القيس نصرانية عمته هند بنت الحارث المعروفة بهند الكبرى. . . ثم قال: وقد ذكرنا في المشرق (٥: ١٠٦) الكتابة التي وضعتها في صدره وفيها تدل على نصرانيتها ونصرانية أبيها الحارث وابنها عمرو بن هند.
قلنا: أما نصرانية عمته وولدها عمرو فلا ننكرها. وأما نصرانية أبيها فمشكوك فيها. لأن قوله: ويكون الله معها ومع والدها كما رواه المشرق فغير صحيح. والذي أورده ياقوت مع ولدها أي ابنها. وهو الأمر الذي يدفعنا إلى أن أباها لم يكن على دين النصرانية لتطلب الخير الأعظم لنفسه ولذا لم تقل: ويكون الله معها ومع ولدها ووالدها وكذلك قالت: ويغفر خطيئتها ويترحّم عليها وعلى ولدها ولم تذكر والدها لكونه لم يكن نصرانياً. وهذا يحملنا على القول بأن أباها بقي مزدكياً حتى أنها لم تطلب له ما طلبت لنفسها ولولدها من مغفرة الخطايا والرحمة والملك مع الله في مجد الآخرة. هذا ومن أعجب ما في هذه الحجة الاستدلال بمذهب عمة امرئ القيس على مذهبه مع أن حضرة الأب المستدل لم يرض باستدلال من استدل بالنصوص الواضحة الصريحة على أن أباه وجده كانا على دين المزدكية. ومن المعلوم أن الولد في الغالب المشهور يكون على دين آبائه لاسيما أهل الجاهلية. فلكم قالوا:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} ولم نسمع أنهم قالوا: إن الولد على دين عمته أو خالته كما أسفلنا قبل هذا.
ودونك ما نقول عن الدليل الثامن: الاستدلال على نصرانية امرئ القيس بكون أمه كانت تغلبيةً ومن ثم أنها كانت نصرانيةً وعليه فامرؤ القيس نصراني هو في غاية الضعف والوهن. فقد مر بك أن تغلب لم تكن كلها نصرانية ولاسيما قد أبنّا لك أن أخوي فاطمة أم امرئ القيس وهما كليب والمهلهل كانا على الوثنية فيكف يُستنتج بعد ذلك أن أمير الشعراء كان نصرانياً؟ هذا وقد يكون في البيت الواحد عدة أشخاص ولهم أديان مختلفة وهو أمر مشهور في الجاهلية.
ثم أن الأب قد ذكر في دليله التاسع ما زين لنفسه أن يقول إنه أقوى الأدلة وهو إرسال