ومن فوائد الإعلانات أنها نفعت في بيع الثياب الحاضرة الجاهزة فكان بعض الأمريكيين ومنهم الفقراء فقط يلبسون من قبل ألبسة حاضرة ويعمد بعضهم إلى الخياطين لأن مقادير أجسامهم تختلف بعضها عن بعض وقد لا يوأفق الاكتساء بالأقيسة المعتادة فقام أحدهم وأنشأ معملاً لصنع الثياب الحاضرة من جميع أنواع الطول والعرض والهندام وتوصل بواسطة الإعلان عن محله بالجرائد والمجلات أن أقبل الناس عليه لأن قيمة الثياب الحاضرة تفرق عن التفصيل نحو النصف فإذا وجد كل إنسأن القياس الذي يطلبه يفضل أخذ بدلةثم ما زال ما كان علق في الأذهأن القوم من أن الألبسة الجاهزة لا تلاءم كل جسم وغدا معظم أهل أمريكا يبتاعون الألبسة المهيأة على الأيام ذاك الوهم الذي غرسه الخياطون وغيرهم.
وكان من رخص الثياب في أمريكا أن غدا الأمريكيون غاية في نظافتهم ولبسهم الجديد من الثياب. وحدث أن أحد الأمريكان نزل إلى مدينة هامبورغ في ألمانيا فقال لأحد رفاقه عجبت من أهل المدينة كيف لا يوجد فيهم غني يلبس بزة جديدة. ذلك لأنه رأى القوم يلبسون ثياباً لا تماثل في نظافتها وحسن نظامها ما يلبسه سكان المدن الأمريكية وبهذا عرفت أن الأمريكيين فاقوا الأوربيين في ولعهم باتخاذ الجميل من كل شيء وإن كان هذا الخلق فيهم قديماً في الأوربيين. ومثل ذلك قل عن الأثاث والرياش في المساكن فإن الأمريكأن يستجدونها ويستجدونها. وارتأى كثيرون من مراقبي سير الإعلانات أن ما كان منها منظوماً يفضل على المنثور لأن العامة تطالعها برغبة وينظرون فيها إذا كانت شعراً ولو عامياً أكثر من نظرهم في غيرها. ومن الناس من يقول أن الإعلانات كثيراً ما جلبت ضرراً لأن القارئ بما فيها ويكون فيها مبالغة أو خديعة فيبتاع السلعة أو الشيء فيبخس أو يغبن وأنها كثيراً ما أتت بما لا تحمد مغبته.
ولكن القائلين بالاستكثار من الإعلانات يقولون أبداً: أن لكل سبب من أسباب العمل سلاحاً ذا حدين وذكاءنا أيضاً نصرفه في الشر كما في الخير. فلا داعي إذا لتعنيف المعلنين بحجة ما في إعلاناتهم من الخطاء. وليس من العقل أن ينبذ الدين والأدب بحجة أن هناك ناساً من المنأفقين المخادعين كما لا يجوز بحال أن يزهد في سهام المصارف (البنوك) لأن في بعضها تدليساً وغشاً.