فشكاه الذى نهبهم إلى الأمير إبراهيم، فأرسل إليه في اطلاقهم، فقال لكاتبه: اكتب إليه ﴿وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ (٣٨٥) إلى قوله "العباد".
فلما قرأها إبراهيم قال: هذا رجل يحاربنا بالله، لا حاجة لنا بهم، اتركوهم.
ووجه ابن الأغلب يومًا وراء ابن البناء، فغلط الرسول ودعا عيسى، وذلك بعد مجيء الأمير إبراهيم من سفرة لم يشيعه فيها عيسى ولا لقيه إذ جاء.
فلما أتى الرسول إلى عيسى، أقبل، فوجد إبراهيم في بستان، فلما رآه إبراهيم، قال له ابتداء: والله ما وجهت إليك، ولا أردت إلا ابن البناء.
فانصرف عيسى من مكانه ذلك، ولم يصل إلى الأمير ولا سلم عليه.
فقال إبراهيم: يا قوم أرأيتم مثل هذا القاضي؟ غبت فما شيع، وجئت فما تلقى، ولا هنى، وبعثت وراء غيره فغلط به الرسول فاعتذرت له، فانصرف بعد أن رآني من غير تسليم، ردوه.
فرجع، فعدد عليه ذلك إبراهيم، فقال له عيسى: الأمير أكرم من أن يعدني وعدًا، ويعقد على نفسه عهدا، ثم ينقضه، فلما تقدم من رفع المئونة عنى، صارت مخالفة ما رسمه من طرح التكلف، مما لا ينبغى أن أفعله ولا يجوز، وأما رجوعى بعد رؤيتي من غير تسليم له، فرأيته جالسًا في غير مجلسه للناس، فلو تركني سلمت، فلما بادرني بالكلام قبل السلام، ظننت كراهيته لدخول هذا الموضع، فانصرفت مساعدة لذلك.
وكان يقال للأمير إبراهيم، عندما يطنب فى الثناء عليه ويفتخر به: انه متصنع.