للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راحت مشرقة ورحت مغربا … شتان بين مشرق ومغرب!

هؤلاء قوم من أهل المدينة وسلا، ويشهدون في ترشيد امرأة من ساكنات آخر بلاط مغيث (٦٤٦).

ثم سكت، فدهش القوم، وتسللوا، وتسللوا لواذا، فجعل أسلم يقول: مساكين! أمروا فأتمروا، يعرض ببعض من كان يعتنى بالمرأة من الأكابر، وكان الشهود من صنائعه.

وذكر أنه بلغه عن بعض الشهود المتهمين، أنه أرشى في شهادته ببساط، فلما أتى ليؤديها ودخل على أسلم، وجعل يخلع خفيه، يريد يريد المشى على بساط القاضي، ناداه: أيا فلان! البساط، البساط! تحفظ من البساط، الله الله!

فتنبه لبيان أمره عند القاضى، ولم يجسر على أداء شهادته تلك.

وكان القاضي أسلم، مع مهابته في قضائه، مداعبا متلطفا، ذكر أن أمرأة جميلة حسنة الهيئة، كانت تكثر عليه شكاة زوجها واضراره بها، ثم عاودته اثر صلح أوقعه بينهما، فقال لها: ما هذا والصلح قريب، وقد حكمنا لك عليه.

قالت: انه زاهد في.

فقال: اللهم عفوا، ليس هذا عمل القاضى، انما عليه فصل القضاء، وليس عليه رد الهوى، ولكنى أدلك على ما ربما ينفعك، اذهبي الى فلان يكتب لك كتابا للهوى: انطلقى عنا يا هوجاء.

وكانت الأحباس في أيامه أوفر ما كانت وأوسعه، وكان يفرق مالها مرتين فى السنة، وهو أول قاض أحضر العلماء والعدول لتفريق مالها، وجعل لها أوقاتا يدعو المساكين لأخذها، وكان القضاة قبله يعطونها تفاريق (٦٤٧) داخل السنة لمن رأوه أهلها.


(٦٤٦) أ ط: بلاط مغيث - م: بلاط معتب.
(٦٤٧) كلمة "تفاريق"، ساقطة من م.