ويقال إن ابن أبي عامر لم يهن عليه ما بلغ منه، ولكنه استحيا قاضيه ابن زرب، ولم يمكنه من الحمية؛ واستأذن للحج، فأذن له، فرحل وقضى فرضه؛ واجتمع في طريقه هذا بجماعة من علماء الأمصار، فاعترفوا بفضله، وذكر في كتابه، وجرت له معهم أثناء ذلك قصص من هناته [١].
فيحكي أنه سأل أبا محمد بن أبي زيد بالقيروان يومًا عن صلاة الناس بصلاة الامام على قعيقعان، وأبي قبيس؛ فأجابه بالجواب المنصوص في المسألة: أنه لا يجوز، فسأله من قال هذا؟ أو كيف قال؟ فاحتج بنص المسألة في المدونة وذكرها، فقال له: إنما وقعت مسألة المدونة إذا صلى المأموم هنالك بصلاة الإمام في الحرم، ولم أسألك عن هذا، وإنما سألتك عن مسألة إذا كان الإمام والمأموم جميعًا هنالك، وهذا ما لا يخالف فيه أحد ولا يمنعه؛ ففطن الشيخ لما أراد من تعنيته، وأضرب عن كلامه في المسألة، إذ لم يظن به هذا، وإنما أجابه على المسألة المعروفة؛ ثم انصرف - وقد مات ابن زرب، وقد كملت خصاله، ونقصت شكاسة خلقه، وكبر سنه، واعتدلت حاله؛ فلاطف ابن أبي