ولحسن الحظ، فإن النسخ التي بين أيدينا لا تزيد عن بعضها أو تنقص إلا في مواطن قليلة جدا، نذكر منها سقوط نحو مائة سطر من نسخة ك، وذلك من قول المؤلف:"قال نعم، قال أن أبا عبد الله يقول … " إلى قوله: "فقام الرشيد وقمنا معه" وذلك من باب "أخبار مالك ﵀ مع العلماء ومناظرته معهم" وقد نبهنا على ذلك في الهامش بطبيعة الحال، وذكرنا أننا مضطرون من أجل ذلك إلى الاقتصار على النسخ الأخرى في مقابلة نحو المائة سطر هذه الساقطة من نسخة ك.
وفيما عدا ذلك، فإن اختلاف النسخ عن بعضها من حيث الزيادة أو النقص، لا يتعدى في الغالب كلمة واحدة أو كلمتين، أو عددا قليلا من الاعلام في الثبت الذي سطره القاضي عياض ﵀ في نهاية هذا الجزء، والذي أتى فيه بأسماء الرواة عن مالك للفقه والأثر، وتاريخ وفاة البعض منهم، تاركا الترجمة للفقهاء منهم إلى الأجزاء الأخرى من الكتاب.
وبما أننا اعتبرنا نسخة الخزانة الملكية التي ترمز إليها بحرف "أ" اصلا أوليا، فإننا درجنا على أن نثبت بين خطين مائلين وفى صلب المتن نفسه، كل زيادة في النسخ الأخرى بالنسبة لهذه النسخة، مع الإشارة إلى ذلك في الهامش، أما ما كان ثابتا في هذه النسخة وساقطا من غيرها، فإننا نتركه على حاله، ونشير إليه في الهامش بين خطين مائلين، وكل ذلك لا يتعدى كلمة هنا وكلمة هناك، إلا ما كان من نحو المائة سطر السالفة الذكر، وإلا ما كان من بعض الأعلام في القائمة الطويلة التي ختم بها القاضي عياض ﵀ هذا الجزء، ذاكرا فيها أسماء الرواة عن مالك للفقه والأثر.
ولزيادة الإيضاح نقول: أن كل ما يجده القارئ بين خطين مائلين في صلب المتن، فإنه ساقط من نسخة (أ) ثابت في غيرها، وما يجده بين خطين مائلين في الهامش، فهو ثابت فيها ساقط من غيرها، وكل ذلك تتكفل الهوامش بتوضيحه في أماكنه.
***
هذا، ومن المعهود دائما في التحقيق، أن يجد المحقق نفسه أمام اختلافات في المتن نفسه، قد نقل وقد تكثر، بين الأصول الخطية التي يرجع إليها.
والمنهجية تقتضيه أن يقف عند كل موطن من هذا القبيل، ليجتهد ما وسعه الاجتهاد في ترجيح إحدى الروايات وإثباتها في صلب المتن، مع الإشارة الي الروايات الأخرى في الهامش، إلا أن من المحققين من يلتزم ذلك التزاما متزمتا إلى حد كبير، فيثقل هوامشه نتيجة لذلك بكثير من التعليقات التي لا غنى فيها ولا فائدة منها.
وقد عمدنا بخصوص هذه النقطة إلى أسلوب وسط، وهو ألا نشير في الهوامش إلى الاختلاف بين النسخ التي رجعنا إليها، وهو لا يتعدى في الغالب لفظة واحدة أو لفظتين، إلا عندما يكون هنالك ما يدعو إلى ذلك، كان يكون الاختلاف في رسم علم من الأعلام، أو عندما يكون للاختلاف تأثير في المعنى من قريب أو من بعيد، ولا حاجة بنا هنا لضرب الأمثلة على ذلك، فإنها مبسوطة في الكتاب، ويوسع القارئ أن يطلع عليها إذا شاء.