قال نعم. فعظم ذلك على روح، ثم قال ابن فروخ: ذلك مع ثلاثمائة وسبعة عشر، عدة أصحاب بدر، كلهم أفضل مني. فقال روح: أمناك أن تخرج علينا أبداً. ثم عرض عليه القضاء، فامتنع، فأقعده في الجامع وأمر الخصوم يكلمونه، وجعل يبكي ويقول لهم: ارحموني يرحمكم الله. وذكر غيره: أنه لما امتنع، أمر به ان يربط ويصعد به على سقف الجامع، فقال: تقبل. فقال: لا. فأخذ ليطرح. فلما رأى القوم، قال: قبلت.
فأجلس في الجامع مع حرس، فتقدم إليه خصمان فنظر إليهما وبكى طويلاً، ثم رفع رأسه، فقال لهما: سألتكما الله إلا أعفيتماني من أنفسكما، ولا تكونا أول شؤمين علي، فرحماه وقاما عنه. فأعلم الحرس بذلك روحاً فقال اذهبوا إليه. فقالوا له تشير علينا من نولي، أو فاقبل. فقال: إن يكن، فعبد الله بن غانم. فإني رأيته شاباً له صيانة. يعني بمسائل القضاء فعليكم به، فإنه يعرف مقدار القضاء. فولي ابن غانم، فكان ابن غانم يشاوره في كثير من أموره وأحكامه، فأشفق ابن فروخ من ذلك، وقال له: يا ابن أخي، لم اقبلها أميراً، اقبلها وزيراً.