فاستبطأني يحيى فأخبرته الخبر. فوجه إلى البكري، فقال: نعم أخذت الدنانير منه، فلما صرت بها إلى البيت جاءني فلان الأنصاري فشكا إلي حاله فدفعتها إليه، فوجه يحيى إلي الأنصاري فأخبره، فتعجب من الكرم ثم أمر لي بألف دينار وللبكري بمثلها، ولزوجتي بخمسمائة لغمها حين دفعت الدنانير إلى البكري. قال هارون بن عبد الله القاضي: رفع الواقدي في رقعة إلى المأمون يذكر فيها غلبة الدين عليه، وقلة صبره عليه، فوقع المأمون على ظهرها: أنت رجل فيك خلتان الحياء والسخاء. فأما السخاء فهو الذي أطلق ما عندك وأما الحياء، فهو الذي منعك من إطلاعنا على ما أنت عليه، وقد أمرنا لك بكذا وكذا، فإن أصبنا إرادتك فازدد في بسطتك وإن كنا لم نصب إرادتك فبجنايتك على نفسك. وأنت كنت حدثتني وأنت على قضاء الرشيد عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للزبير: يا زبير إن خزائن الرزق مفتحة بإزاء العرش فمن أكثر كثر الله عليه ومن قلل قلل عليه. قال الواقدي: وكنت قد أنسيت هذا الحديث، فكان ما ذكر فيه أعجب إلي من جائزته. قال هارون: وبلغني أن جائزته كانت مائتي ألف درهم.