وسأله رجل في غير مجلسه عن مسألة، فأنكر ذلك، وقال: إذا جلست مجلس السائل والمجيب أجبناك.
وقيل له: لم لا تنبسط في الملأ كانبساطك في الخلاء؟
فقال: لو فعلت ذلك لتلوعب بين يدي، وأنا أحب أن يقتدى بي كما اقتديت أنا بغيري.
وأراد أن يجاوب في مسألة، فاستمد، فلم يجد المداد، ثم تكرر فلم يمكنه، فقال له رجل إلى جنبه: هذه الدواة يا أبا محمد!
فقال: لو كان لكان؛
فضم الفتى الدفتر إلى وجهه، وتبسم، ولحظه يحيى ثم قال: لو جلست في بيتك كان أستر لك.
وقال: من أراد أن يعمل بما يقول، اقتصد (٤٦٩) ومن لم يرد ذلك، لم يبال ما يقول.
وكان يحيى يعجب بكلمة حكمة قالها له الحاجب عبد الكريم بن مغيث، - وقال له يحيى مرة: إني أريد أن أكلمك بشيء يرق وجهي عنك فيه شديدًا - فقال له: يا أبا محمد: كل شيء تبلغ الحشمة منك فيه هذا، فضعه عن نفسك.