وذكر أنه لما مات من ضربه في السجن، توسوس سحنون، وحفظ عنه، أنه كان يردد: ما أنا قتلته. الحق قتلة. ولو كان على ما ذهب إليه، ابن طالب، لكن من أدى عنه كمال وهب له. يقضي به دينه، فلا يكون حكمه بحكم العديم. وقد جاء في كتاب سحنون إلى محمد بن زياد، قاضي قرطبة، يأمره بالشد والمعاقبة لمن تفالس، وتكرار الأدب والضرب عليه، حتى يؤدي أو يموت. قال أبي: وبذلك أخذت في ابن أبي الجواد، ضربته أربعاً وعشرين، ومائة درة. وأوقفته يوم الجمعة للناس في صحن الجامع. وسوف أضربه أبداً، حتى يؤدي تحت الدرة أو يموت. وقال ابن أبي الحارث قيل لسحنون: هذا منصور دخل من تونس بالحرائر. فركب وانتزع منه ما بيده، فدخل منصور على ابن الأغلب وقد شق ثوبه، وذكر إليه ما نزل به، فأرسل ابن الأغلب إلى سحنون، أن تصرفهم على منصور مرة وثانية وثالثة. فقال: لا أفعل. وأقبل ابن الأغلب حتى دنا من موضع سحنون، وضربت له قبة، نزل فيها، وقد استشاط غيظاً لمصارمته إليه، على منصور، ودعا فتى قال له: اذهب إلى سحنون فقل له: فاردد السبي على منصور، وإلا فأتني برأسه. فجاء الفتى إلى سحنون يبكي ويتضرع ويقول له: أمرت فيك بعظيم. فأخذ سحنون ورقاً فكتب فيه بعد الاسم: ويا قوم ما لي أدعوكم إلى لنجاة وتدعونني إلى النار..... الآية. ودفع الكتاب للفتى، ثم قال: ادفعه لابن الأغلب.