للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين. اهـ. كما أفاده الزبيدي (١).

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه - صلى الله عليه وسلم - أقام أثناء مرضه في بيت عائشة، وقضى أيامه الأخيرة في حجرتها كما قالت رضي الله عنها: " إن من نعم الله تعالى عليّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري " إلخ. وقد روى أحمد في " مسنده " عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إنه ليهون على (يعني الموت) أني رأيت بياض كف عائشة في الجنة " قال في المواهب اللدنية: فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحب عائشة حباً شديداً وإنما اختار النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمرّض في بيت عائشة، لأن المريض يكون أثناء مرضه أحوج ما يكون إلى من يرتاح إليه نفسياً، وهي أحب الناس إليه. ثانياًً: أن للموت سكرات، وأن سكرات الموت أشد ما تكون على نفوس أحباب الله من أنبيائه وأوليائه وأصفيائه كما وقع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها لا أكره شدة الموت لأحد أبداً بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه البخاري، قال القرطبي (٢): لتشديد الموت على الأنبياء فائدتان، إحداهما: تكميل فضائلهم، ورفع درجاتهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً، بل هو كما نجاء أن أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. والثانية: أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت، لأنه باطن، فلما ذكر الأنبياء الصادقون في (خبرهم) شدة ألمه عليهم مع كرامتهم على الله تعالى قطع الخلق بشدة الموت التي يقاسيها الميت. ثالثاً: أنه يجوز للإِنسان أن يشكو لزوجته أو لصديقه أو طبيبه ما يعانيه من شدة أو ألم أو مرض لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة رضي الله عنها: " لا إِله إلا الله إن للموت سكرات " فاشتكى من سكرات الموت، وأما ما روي عن جماعة من الشافعية "أن تَأوَّهُ المريض مكروهٌ، فقد قال النووي: هذا ضعيف أو باطل، فإن المكروه ما ثبت


(١) " إتحاف السادة المتقين في شرح إحياء علوم الدين " للمرتضى الزبيدي.
(٢) " شرح الصدور بشرح حال الموتى وأهل القبور " للسيوطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>