للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله دمه يوم الفتح ونزل فيه ﴿وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ﴾ (١) وكان محمد بن أبي بكر شخص إلى مصر، مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فكان يعين ابن أبي حذيفة على ذلك ويساعده عليه، فكتب عبد الله بن أبي سرح إلى عثمان بن عفان يشكوهما ويذكر أنهما قد انغلا عليه المغرب وافسداه، فقال عثمان: اللهم إني ربيته رحمة له وصلة لقرابته حتى لقد كنت أنكت المخ فأخصّه به دون نفسي وولدي.

وكتب إلى ابن سعد في جواب ما كتب إليه: «أما محمد بن أبي بكر فإنه يوهب لأبي بكر ولعائشة أم المؤمنين، وأما ابن أبي حذيفة فإنه ابني وابن أخي وتربيتي وهو فرخ قريش». فكتب إليه ابن أبي سرح: «إن هذا الفرخ قد استوى ريشه ولم يبق إلا أن يطير». فبعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم، ويحمل إليه كسوة، فأمر بذلك أجمع فوضع في المسجد، ثم قال: يا معشر المسلمين، ألا ترون إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه، فازداد أهل مصر طعنا على عثمان رضي الله تعالى عنه، وإعظاما لابن أبي حذيفة، واجتمعوا إليه فبايعوه على رئاستهم، فكتب إليه عثمان يذكره برّه به وتربيته إياه، وقيامه بشأنه، ويقول له: «إنك كفرت إحساني أحوج ما كنت إليّ بشكرك ومكافاتك» فلم يزل ابن ابي حذيفة يحرّض أهل مصر، ويؤلبهم على عثمان حتى سرّبهم إلى المدينة، فاجتمعوا عليه مع أهل المصرين، وكانوا أشدّهم في أمره، وشخص محمد بن أبي بكر معهم، فلما حوصر عثمان وثب محمد بن أبي حذيفة على عبد الله بن سعد، فطرده عن مصر؛ وصلى بالناس


(١) - سورة الأنعام - الأية:٩٣.