بايع لأخيك يزيد بن الوليد فبايع، ووقف، ونصبوا راية وقالوا: هذه راية العباس وقد بايع لأخيه يزيد أمير المؤمنين، فقال العباس: إنا لله خدعة من خدع الشيطان، هلك بنو مروان، وكان عندهم كالأسير.
قالوا: وتفرق الناس عن الوليد بن يزيد وأتوا عبد العزيز والعباس، فظاهر الوليد بين درعين، وأتوا بفرسين يقال لهما السندي والزائد فقاتلهم، فناداهم رجل: اقتلوا عدو الله قتلة قوم لوط ارموه بالحجارة، فلما سمع ذلك دخل القصر وأغلق الباب. فقال: أما فيكم رجل شريف ذو حسب أكمله، فقال له يزيد بن عنبسة السكسكي: تكلم. فقال: ومن أنت؟ قال: أنا يزيد بن عنبسة. قال: يا أخا السكاسك ألم أزد في أعطياتكم؟ ألم أرفع المؤن عنكم؟ ألم أعط فقراءكم؟ ألم أخذكم زمناكم؟ فقال له: ما ننقم عليك في أنفسنا ولكنا ننقم عليك انتهاك ما حرّم الله من شرب الخمر ونكاح أمهات أولاد أبيك، واستخفافك بأمر الله، وإتيانك الذكور، قال: حسبك يا أخا السكاسك فلعمري لقد أغرقت وأكبرت، وإن في ما أحل الله لمندوحة عما ذكرت، والله لا يرتق فتقكم ولا يلمّ شعثكم ولا تجتمع كلمتكم، ورجع إلى الدار فجلس وأخذ مصحفا وقال: يوم كيوم عثمان، ونشر المصحف يقرأه، فعلوا الحائط، وكان أول من علاه يزيد بن عنبسة، فنزل وسيف الوليد إلى جانبه فقال له يزيد: نحّ سيفك، فقال الوليد: لو أردت السيف كانت لي ولك حال. فأخذ بيد الوليد وهو يريد أن يحبسه ويؤامر يزيد بن الوليد فيه، فنزل من الحائط عشرة فضربه واحد على وجهه وضربه آخر على رأسه، وجرّه خمسة منهم ليخرجوه فصاحت امرأة كانت معهم في الدار فكفوا عنه فلم يخرجوه.