الصباح في مائة من الإباضية فجعل يقاتلهم عبد الملك ثلاثة أيام فقتل منهم سبعون، ورجع إلى المدينة ثلاثون، ونصب عبد الملك رأس بلج على رمح فقال أبو وجزة أحد بني ظفر:
ورأس بلج مجتلى محزوز … في عمد من خشب مرزوز
وقالوا: قدم الذين فروا من وادي القرى إلى أبي حمزة وقالوا: فررنا من الزحف، فقال أبو حمزة: أنا لكم فيئة، وخرج أبو حمزة عن المدينة إلى مكة واستخلف عليها رجلا يقال له المفضل، فقاتلهم العبيد وأهل السوق، فقتل المفضل وعامة أصحابه، وهرب الباقون فلم يبق من الإباضية بالمدينة أحد، فقال أبو البيضاء شميل مولى زينب، من ولد الحكم بن أبي العاص:
ليت مروان دنا … يوم الاثنين عشيّة
إذ غسلنا العار عنا … وانتضينا المشرفيّه
ثم إن عبد الملك بن محمد بن عطية قدم المدينة فأقام بها شهرا، ثم خرج إلى مكة والمختار بن عوف بها فقال: يا أهل مكة، هؤلاء الذين سألناكم عنهم فقلتم يجورون ويظلمون فلا تعينوهم علينا.
ولقي عبد الملك الخوارج من وجهين وقد جعل أصحابه فرقتين فصيّر طائفة بالأبطح، وصار هو والطائفة الأخرى بأسفل مكة، فاقتتلوا وهزم أهل الشام حتى انتهوا إلى عقبة منى، ثم كرّوا فقاتلوهم وصبروا فقتل أبرهة، كمن له ابن هبّار القرشي عند بئر ميمون فقتله، ويقال قتله بالأبطح، وتفرق الخوارج.
ولقي أبو حمزة عبد الملك بن محمد بأسفل مكة فاقتتلا فقتل المختار بن عوف أبا حمزة على فم الشعب، وقتلت معه امرأته وهي تقول: