للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب في تلطيف الحرارة]

حدثني عبد الله بن مالك الكاتب قال: أصاب عيسى بن علي في بعض الليالي حر شديد فبلّ له إزار فنام فيه، فلما أصبح قال له المنصور:

يا عم كيف كنت في ليلتك من هذا الحر؟ فقال: بللت إزارا ونمت فيه فكنت بخير ونمت أطيب نوم، فقال: وأنا والله أمرت فبلّ لي ثوب فنمت فيه ثم لم أزل أروّح. ثم ان المنصور فكّر فأمر فأتي بكرابيس غلاظ ثخان فبلّت وجعلت على ثلاثة أعواد مثل السبائك ونام تحتها، ثم أخبر عيسى بن علي بما صنع واتخذ عيسى مثل ذلك، ثم قال عيسى: يا أمير المؤمنين لو اتخذت قبة ثم غشيت بمثل هذه الكرابيس المبلولة وجعلت طاقات كان ذلك أنفى للحر وأوسع في المبيت والمقيل، فقال المنصور: أو غير ذلك يا عم؟ يعمد إلى هذا الخيش الذي يأتي فيه القند والأمتعة من مصر فيغسل وينظّف ثم يبلّ وتغشى به القبة مخيطا عليها فإنه أحبس لرطوبة الماء وأبطأ جفوفا، فأمر المنصور بذلك وتتبع الخيش فاشتري من التجار، وأمر فكتب إلى مصر في اتخاذ شقاق الخيش، ووجّه في ذلك رسولا حمله فاستعمله ثم استعمله