قالوا: وبعث معاوية النعمان بن بشير الأنصاري، وأبا هريرة الدوسي بعد أبي مسلم الخولاني إلى عليّ يدعوانه إلى أن يسلّم قتلة عثمان بن عفان ليقتلوا به فيصلح أمر الناس ويكف الحرب، وكان معاوية عالما بأن عليا لا يفعل ذلك، ولكنه أحبّ أن يشهد عليه عند أهل الشام بامتناعه من إسلام أولئك؛ والتبري منهم فيشرع له أن يقول: إنه قتله فيزداد أهل الشام غيظا عليه وحنقا وبصيرة في محاربته وعداوته، فلما صارا إليه فأبلغاه ما سأله معاوية امتنع من إجابتهما إلى شيء مما قدما له فانصرف أبو هريرة إلى الشام فأمره معاوية بأن يعلم الناس ما كان بينه وبين عليّ، وأقام النعمان بعد أبي هريرة أشهرا وهو يظهر لعليّ انه معه، ثم خرج فمرّ بعين التمر وعليها مالك بن كعب الهمداني فحبسه ليكتب إلى عليّ بخبره، فركب إليه قرظة بن كعب الأنصاري - وكان على جباية الخراج بالنهرين والفلاليج ونواحيها وما والى ذلك من الطساسيج فكلمه فيه فخلى سبيله فأتى معاوية؛ فأخبره ومن قبله بمثل ما أخبرهم به أبو هريرة. وهذا في أول الأمر.