فلما قدم الحجاج العراق واليا في سنة خمس وسبعين بدأ بأهل الكوفة فخطبهم وتهددهم وتوعد العصاة بالقتل وقتل بعضهم، وخطب أيضا بالبصرة وألحق الناس بالمهلب.
وكتب الحجاج إلى المهلب:«إنّ بشرا ﵀ بعثك مستكرها لنفسه عليك وأراك غناءه عنك، وإنى أعرفك حاجتي إليك فناهض عدوك ودع العلل، فوالله لأحشرن الناس إليك حشرا، فإني آخذ السميّ بالسّمي، والوليّ بالولي، حتى يكون قليل من يأتيك ككثير من فارقك، واقتل من خفته على المعصية فإني قاتل من قبلي من أهل الطبقة، فإن العاصي يجمع خلتين: إنه أخل بمركزه ووعر المسلمين من نفسه، وهو أجير لهم ليس له أن يأخذ إلا بقدر ما عمل».
فكتب إليه المهلب:«ليس معي إلا مطيع، وإن الناس إذا أمنوا العقوبة صغروا الذنوب، وإذا يئسوا من العفو كفرهم ذلك، فهب لي الذين سميتهم عصاة، وإنهم فرسان أرجو أن يقتل الله بهم هذا العدو، إن شاء الله».
وقال المهلب لجنده: «لقد جاءكم وال ذكر، ولولا هو كنا بمضيعة، فعليكم بالجد والحزم فإني رأيت البقاء مع الحزم، واستشعروا الصبر واعلموا أنه ليس كلّ غاز يؤوب إلى أهله، ولا كلّ سلامة تدوم لأهلها، وهؤلاء القوم يقاتلونكم عن دينكم ودنياكم، فأكرموا الخيل تنفعكم عند اللقاء، وأطيلوا الرماح فإنها قرون الخيل، وعيّروا الجبان يأنف، فلقد رأيتني مع الحكم بن عمرو بخراسان وإنّا لنعدّ في سرعان الناس رجالا ما يعابون إلا بالجبن وإن