قال: المهلب. قال: إنه وجع. قال: ليس وجعه مما يمنعه النهوض.
فقال عبد الملك: أرى بشرا يريد أن يعمل بما عمل به خالد.
فكتب إليه يعزم عليه أن يوجه المهلب، فأرسل بشرا إلى المهلب أن انتخب من أحببت. فقال: أنا عليل لا أقدر على الاختلاف، فأمر فحمل إليه الديوان فانتخب فلم يجز له بشر عامة من انتخب، وكلمه في قوم فخلفهم.
واستقرض المهلب مالا من التجار وغيرهم وبلغت الجعالة بين الناس أربعة آلاف، وسار إليهم المهلب فلقوه فأبلى يزيد بن المهلب وهو ابن احدى وعشرين سنة فنفاهم عن الأهواز، فأتوا فارس، فوجه إليهم المهلب ابنه المغيرة فقيل له: طاول هؤلاء الكلاب وإلا فإنك ستلزم بيتك إن فرغت من أمرهم. فقال: ليس هذا من الوفاء.
ثم رجع الخوارج إلى رامهرمز فكتب بشر بن مروان إلى خليفته بالكوفة أن اعقد لعبد الرحمن بن مخنف على ثمانية آلاف، فلما قدم عليه قال له: قد علمت حالك عندي فكن عند ظني بك، انظر هذا المزوني فخالفه وأوعده، فخرج ابن مخنف وهو يقول: سبحان الله، ما طمع فيه هذا الغلام مني؟ يأمرني بتصغير شيخ من شيوخ قومي وساداتهم.
ونزل ابن مخنف رامهرمز، ومات بشر واستخلف خالد بن عبد الله بن أسيد فرفض أهل الكوفة وقدموا إلى بلدهم، وأراد أهل البصرة أن يفعلوا مثل ذلك فقال لهم المهلب: لستم تقاتلون لبشر ولا لخالد إنما تقاتلون عن بلادكم فلا تصنعوا كما صنع أهل الكوفة فتحربوا عدوكم عليكم. فأقام بعضهم ورجع بعض عصاة إلى البصرة، وأقام المهلب في البصريين وأقام عبد الرحمن في ناس من أهل بيته لم يكن بقي معه أحد غيرهم.