بوجهه حتى غشي عليه. ففعل به ذلك مرات، ثم خلى سبيله وكتب إلى معاوية: إني لم أصب عنده شيئا وقد بالغت في عذابه واستقصيت عليه.
- ويروي عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه سمع النبي ﷺ يقول:
«لا تطلب الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن غير طلب أعنت عليها، وإن أعطيتها عن طلب وكلت إليها»(١).
[أخبار عبد الرحمن وعبيد الله ابني أبي بكرة]
وحدثني ابن مسعود الكوفي، عن عوانة قال:
قيل لعبد الرحمن بن أبي بكرة: ما بلغ من تنعمك؟ قال: «لي ثلاثة خبازين، فليس منهم خباز إلا وهو يأتيني بثردة لا تشبه صاحبتها. ولم أدخل الحمام خاليا قط ولا ممتليا قط؛ ولم تأت عليّ ليلة إلا وفي بطني عسل، وفي رأسي بنفسج، وفي رجلي زنبق.
- قالوا: وأراد زياد الحجّ، فأتاه أبو بكرة وهو لا يكلمه، فدخل عليه وأخذ ابنه وأجلسه في حجره ليخاطبه ويسمع زيادا، فقال: إنّ أباك هذا أحمق، قد فجر في الإسلام ثلاث فجرات، أما أولتهن فكتمانه الشهادة عن المغيرة، وقد يعلم الله أنه رأى ما رأينا؛ وأما الثانية فانتفاؤه من عبيد وادّعاؤه إلى أبي سفيان، وأقسم قسما صدقا أن أبا سفيان لم ير سمية قط في ليل ولا نهار؛ وأما الثالثة فإنه يريد الحج وأم حبيبة زوج رسول الله ﷺ هناك وقد ادّعى أنها أخته فإن أذنت له كما تأذن الأخت لأخيها فأعظم بها مصيبة على رسول الله ﷺ، وإن هي حجبته وتسترت منه أعظم بها حجة عليه، ثم
(١) - في هامش الأصل: المعروف أن النبي ﷺ قال ذلك لعبد الرحمن بن سمرة. انظر ترجمته في أسد الغابة ج ٣ ص ٣٥١ - ٣٥٢.