وكانت لثمان أو تسع من شوال سنة ثلاث، وغاب فيها عن المدينة خمسا. وحمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة أو تسعة أميال.
وكان المشركون قد صاروا إليها من أحد، فنادى منادي رسول الله ﷺ بالناس أن اخرجوا لطلب عدوكم، ولا يخرج إلاّ من كان بأحد. فخرج الناس حتى الجرحى، وكانوا كثيرا. وقال جابر بن عبد الله: «يا رسول الله، لقد حرّمت عليّ الخروج بالأمس، فمنعني أبي وذلك أنه خلفني [على أخوات لي سبع وقال: يا بنيّ إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن، ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله ﷺ على نفسي (١)]، فأذن لي في الخروج. فأذن له. ويقال إنّ رسول الله ﷺ أخرج معه من كان بأحد ومن لم يكن. وكان المشركون قد ملوا الحرب وكرهوها، وأحبوا أن ينصرفوا عن ظفر منهم، ولم يأمنوا أن تكون الدولة للمسلمين عليهم. فأمعنوا في السير، وأقلوا اللبث حتى أتوا مكة، فلم يصادف رسول الله ﷺ منهم أحدا، ولم يلق كيدا. وكان خليفته على المدينة ابن أم مكتوم.
(١) - زيد ما بين الحاصرتين من سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٦١٤.