قال المدائني: ودعا الوليد خالد بن عبد الله القسري إلى البيعة لابنيه فأبى فقال له بعض أهله: دعاك أمير المؤمنين فخالفته؟ فقال: ويحكم كيف أبايع من لا أصلي خلفه ولا أقبل شهادته؟ قالوا: فتقبل شهادة الوليد مع مجونه وفسقه. قال: أمر الوليد أمر غاب عني فلا أتتبعه، وإنما هي أخبار الناس. فغضب الوليد على خالد وقال: كان الأحول أعرف به.
وأراد الوليد الحج، فنهاه خالد عن ذلك لأنه خاف أن يفتك الناس به لإنكارهم أمره، فقال له: لم كرهت حجي؟ فقال: لا تحتاج إلى أن أخبرك. فازداد غضبا وأمر بحبسه واستيدائه ما عليه من أموال العراق، ودفعه إلى يوسف بن عمر فعذبه حتى قتله، وكان من أمره ما قد ذكرناه.
المدائني عن عمر بن سعيد الثقفي قال: أوفدني يوسف بن عمر على الوليد، فلما قدمت عليه قال: كيف الفاسق - يعني الوليد - ثم قال: إياك وأن يسمع هذا منك أحد. فقلت: امرأتي طالق إن سمعه مني أحد ما دمت حيا، فضحك.
قالوا: فلما فعل الوليد ما فعل من قتل خالد بن عبد الله، وابراهيم ومحمد ابني هشام بن اسماعيل حين قال: آخذهما بحق الله عليهما وحقوق الناس، وتجنيّ عليهما، وما فعل ببني هشام وبني الوليد، وحبسه المؤمّل بن العباس بن الوليد، وبني القعقاع، وآل القعقاع واضطغنت عليه اليمانية لفعله بخالد بن عبد الله، ورمي بالزندقة، وكان أشدهم فيه قولا يزيد بن الوليد بن عبد الملك، وكان الناس مائلين إلى قوله لستره وإظهاره النسك، وجعل يقول: ما يسعنا الرضا بالوليد. حتى حمل الناس على الفتك به.