للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترى الشيخ البجال على حمار … يسوق به فتى رخو النجاد

ألا قل للأمير جزيت خيرا … أرحنا من مغيرة والرقاد

وفي كردم يقال:

لو رآها كردم لكردما … كردمة العير أحسّ الضيغما

قال ابن الكلبي: وهو كردم بن مرثد الفزاري:

وأتى المهلب السيرجان فقاتل قطريا بها فصعد قطري المنبر (١) فخطب فقال: «أما بعد فإني أحذركم الدنيا فإنها حلوة نضرة، حفت بالشهوات ورامت بالقليل، وتحببت بالعاجلة، وتحلت بالآمال، وتزينت بالغرور، لا يدوم خيرها، ولا تؤمن فجيعتها، غرارة ضرارة، وحائلة زائلة، ونافذة بائدة، أكالة غوالة، لا تعدو إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها، والرضى عنها أن تكون كما قال الله : ﴿كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً﴾ (٢). مع أنّ امرأ لم يكن منها في حيرة إلا أعقبته بعدها عبرة، ولم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا، ولم يطله فيها رخاء إلا هطلت عليه مزنة بلاء، وحريّ إذا أصبحت له منتصرة أن تمسي له خاذلة متنكرة. وإن جانب منها اعذوذب وحلا، أمرّ منها جانب وأوبأ، وإن أتت امرأ من غضارتها ورقا أردفته من نوائبها تعبا، ولم يمس امرؤ منها في جناح أمن


(١) بهامش الأصل: خطبة قطري.
(٢) سورة الكهف - الآية:٤٥.