للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اصحابك، قال كلا إنّ في غدوّ الموت وراوحه ما يعجلني فأخاف معه فوت ما أريد، وقال:

سأشري ولا أبغي سوى الله صاحبا … وأبيض كالمخراق عضب المضارب

فقد ظهر الجور المبير وأجمعت … على ذاك أقوام كثير التكاذب

في أبيات. ثم اشترى أبو الوازع سيفا، وأتى صيقلا كان يشتم الخوارج ويدلّ عليهم، فقال له: اشحذ لي سيفي هذا، فشحذه، ثم أخذه فهزّه وحكّم وقتل به الصيقل، فهرب الناس عنه، وأخذ في بني يشكر وهو يحكّم، فدفع عليه رجل حائطا ابراسبج (١) فقتله، فأمر به ابن زياد فصلب في بني يشكر، فكرهوا ذلك وخافوا أن يتّخذ الخوارج مصلبه مهاجرا.

[أمر ثابت بن وعلة الراسبي]

قالوا: كان ثابت من مخابيت الخوارج، وكان عظيم الشأن فيهم، فبينا قوم من أصحابه يتحدّثون في بيته إذ أنشد الزبير بن عليّ مرثية للخوارج، فبكى وقال لأصحابه: عليكم السّلام، لا والله لا أتأخر عن إخواني بعد يومي هذا إلا مكرها، فخرج في يوم جمعة، فحكّم عند مسجد الحروريّة بالبصرة وجعل يقول:

سأتبع إخواني وأحسو بكأسهم … وفي الكفّ عضب الشفرتين مهنّد

وقتل يومئذ مولى لبني الحارث بن كعب وآخر من بني نهد، وكانا قتلا ابن عمّ له بأمر عبيد الله بن زياد، ثم اعترض الناس فقتل، ولم يدر من قتله لكثرة الناس عليه، وصلب.


(١) - في الكامل للمبرد: ط. القاهرة ١٩٣٧ ج ٣ ص ١٠٢٢ «حائط السترة».