قالوا: وتغيب عثمان والحكم ابنا الوليد بن يزيد في سرب في القصر، فطلبهما عبد العزيز فوجدهما في السرب فأتى بهما يزيد فدفعهما إلى عمهما سليمان بن يزيد بن عبد الملك فمكثا عشرة أيام ثم ردّهما وقال: قد كثر اختلاف الناس إليهما، وقد كان أبوهما بايع لهما فأخاف أن أغلب عليهما فإن في الناس غواة، فأمر يزيد بحبسهما فحبسا بالخضراء، فدخل عليهما الأفقم وهو يزيد بن هشام السجن، وكان الوليد قد ضربه وحلقه فشتم أباهما ولعنه، فبكى الحكم فزجره أخوه عثمان، وقال: اسكت، وقال للأفقم: ويحك تشتم أبي؟ قال: نعم فقال عثمان: لكني لا أشتم عمي هشاما، وايم الله لو كنت من بني مروان ما شتمت أبي، ولكنك لست من بني الحكم فانظر إلى وجهك في المرآة، فإن رأيت حكميا يشبهك فأنت منهم، ولا والله ما في الأرض حكميّ مثل وجهك.
قال أبو الحسن المدائني: قال محمد بن راشد الخزاعي: دخلت على الحكم وعثمان وهما محبوسان بالخضراء فحادثتهما ساعة فقال الحكم:
ما أصابني في هذا الأمر شيء كان أغيظ لي من ذهاب بغلي المديزج (١). قال:
قلت: قبح الله رأيك. قتل أبوك، وسلبت ملكك فلم يعظم عليك ذلك، وتتلهف على بغل ذهب منك؟ قال أبو الحسن: قتل الوليد يوم الأربعاء ليومين بقيا من الشهر سنة ست وعشرين ومائة وكانت ولايته سنة ونصفا، فلما قتل الوليد اختلف بنو مروان بينهم، وكان سليمان بن هشام محبوسا بعمّان فخرج من السجن فأخذ