وحدثني داود بن عبد الحميد قاضي أهل الرقة قال: سمعت أشياخنا يتحدثون أن الوليد خرج إلى البخراء للعلاج وشرب اللبن، وكان في عسكر عظيم، وصاحب شرطه خالد بن عثمان بن بحدل الكلبي، ويقال زيد بن يعلى بن الضخم بن قرة العبسي. فدعا يزيد بن الوليد إلى نفسه وأظهره، وكان يقول: والله ما أريد بهذا الأمر إلاّ إراحة الإسلام والمسلمين من هذا الرجل الذي لا يحلّ تركه. والله ما أريد أحفر فيكم نهرا ولا أبني قصرا، ولا أجعل أموالكم وقفا على اللذّات والنشوات، وركوب ما لم يحلّه الله، وما غايتي إلاّ الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله. فبايعه الغيلانية، وصارت معه اليمانية طالبا بثأر خالد القسري فغلب على دمشق.
وبعث يزيد إليه عبد العزيز بن الحجاج فقاتلوا الوليد وأصحابه بالبخراء، ودخل الوليد حصن البخراء فحصروه ورموه بالحجارة وهم يقولون: يا فاسق هذه سنّة في اللّواطين أمثالك، تهيئ الذكور بهيئة النساء وتفسق بهم، وترتكب العظائم، ثم تسوّروا عليه وهو مصطبح بشرابه، فعمد إلى مصحف ففتحه فلم ينفعه ذلك وقتل، وكان ممن تولى قتله مولى لهم يقال لهم وجه الفلس وقد كان بعض ولده مع عبد الله بن طاهر.
قالوا: وكانت ولاية الوليد سنة وشهرين وأياما، ويقال سنة وثمانية أشهر والأول أثبت، وقتل في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة وله ست وثلاثون سنة، ويقال تسع وثلاثون سنة، ويقال اثنتان وأربعون سنة، ويقال خمس وأربعون وأشهر، وكان الشيب قد وخطه. ولم يصلّ عليه أحد، ودفن بالبخراء، ثم إنه حمل إلى دمشق سرا فدفن في المقبرة التي عند باب الفراديس ليلا، وحمل رأسه إلى يزيد فنصب عند باب الفراديس.