رشدت فأنعمت ابن عمرو وإنما … تجنّبت تنورا من النار حاميا
دعاؤك ربا ليس ربّ كمثله … وتركك أصنام الطواغي كماهيا
[وكان سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل]
﵁ وأمه فاطمة بنت بعجة بن أمية بن خويلد، من ولد غنم بن مليح من خزاعة من المهاجرين الأولين، أسلم قديما قبل عمر بن الخطاب، وهو أحد العشرة الذين سموا للجنّة، وكان يكنى أبا الأعور، وكان إسلامه مع أبي عبيدة في يوم واحد قبل دخول النبي ﷺ دار الأرقم.
قال الواقدي: وكان أبوه زيد بن عمرو قد أنكر أمر الأصنام في الجاهلية وكرهه، وطلب دين ابراهيم، وامتنع من أكل ما ذبح على النصب، ولم يتهود ولم يتنصر، وكان يستقبل الكعبة ويقول: لبيك حقا حقا، تعبدا ورقّا. وكان يقول: رب، لو أعلم لأية جهة أسجد لك لسجدت إليها، فكان يسجد على راحته، وكان يفدي كل مولودة يريد أهلها أن يئدوها بمكة إذا أمكنه ذلك بعبد أو أمة أو فرس أو إبل أو غنم، فلما كثر عليه ذلك تضمن مؤونة التي يريدون أن يئدوها وطعام أمها، وبنى خيمة بحراء يتحنث فيها، واعتزل قريشا فسموه الراهب، ومات فدفن في أصل حراء، وكانت وفاته وقريش تبني الكعبة قبل الوحي بخمس سنين.
وكان قد طوّف ببلاد الشام وناظر أهل الكتب، فسمع علماءهم يخبرون بأنه قد أظلّ نبي يخرج من بلاده يدعو إلى دين ابراهيم وملته، ويقاتل العرب ويدعو العجم إلى التوحيد، وخلع ما يعبدون من دون الله، فكان يقول لابنه سعيد بن زيد: أي بني إني سمعت أهل الكتاب يخبرون