قال الواقدي وغيره: لما بويع عبد الملك وهو بالشام بعث إلى المدينة عروة بن أنيف في ستّة آلاف من أهل الشام وأمره أن لا ينزل على أحد وأن لا يدخل المدينة، وأن يعسكر بالعرصة (١) ففعل، وكان عامل عبد الله بن الزبير على المدينة الحارث بن حاطب بن الحارث بن معمر الجمحي، ولاّه إيّاها بعد عزله مقوم الناقة لتشاؤم الناس بمقوّم الناقة، وغلاء السعر في ولايته، حتى بلغ مدّ النبي ﷺ درهمين، فهرب الحارث وكان ابن أنيف يدخل فيصلّي الجمعة بالناس ثم يعود إلى معسكره، فأقام وأصحابه شهرا لا يبعث إليهم ابن الزبير أحدا، ولم يلقوا كيدا، فكتب عبد الملك إلى ابن أنيف ومن معه في القفول إلى الشام فلم يتخلّف منهم أحد، وكان يصلّي بالناس بعده عبد الرحمن بن سعد القرظ ثم عاد الحارث بن حاطب إلى المدينة، ووجّه ابن الزبير سليمان بن خالد الزرقي من الأنصار، وكان رجلا
(١) عرصة عقيق المدينة، من أفضل بقاعها وأكرم نواحيها وأنزه أصقاعها. المغانم المطابة.