للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني عبد الله بن صالح عن أشياخه قالوا: لما سوّي التراب على الأحنف والناس محزونون قالت امرأة من بني تميم يقال لها أسماء بنت حصن من بني منقر، فقالت: إني معزيتكم عن أبي بحر أعظم الله أجوركم فيه، ثم قالت: رحمة الله عليك من مجنّ في جنن، إنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل الله الذي فجعنا بفقدك، وابتلانا بفراقك أن يغفر لك يوم حشرك، وأن يفسح لك في قبرك، وأن يجعل سبيل الخير سبيلك، ودليل الرشاد دليلك، ثم التفتت إلى الناس فقالت: إن أولياء الله في بلاده شهوده على عباده، وإنا قائلون حقا ومثنون صدقا فإنه لأهل لحسن النثا (١) وطيب الثناء، وأما والذي جعله من أجله في عدة، ومن الفناء إلى مدة، ومن عمره إلى نهاية وفي المضمار إلى غاية لقد عاش حميدا رشيدا، ومات فقيدا سعيدا، ولقد كان عظيم السلم، بسيط الحلم، رفيع العماد، وارى الزناد، منيع الحريم، سليم الأديم، ولقد كان في المحافل شريفا، وعلى الأرامل عطوفا، وعن الفحشاء عفيفا ومن الناس قريبا، وفيهم غريبا، وإن كان لمسوّدا، وإلى الخلفاء موفدا، وإن كانوا لقوله لسامعين ولرأيه متّبعين، ثم قعدت فقال من حضر: ما رأينا كاليوم امرأة أبلغ منها في قولها، ولا أصدق في وصفها.

[وكان بحر بن الأحنف]

مضعوفا، ومات ولا عقب له.

[وكان صعصعة بن معاوية عم الأحنف،]

رأس بني تميم في أيام معاوية يعطى العطاء في داره، وكان يكنى أبا الوليد وشهد يوم الجفرة على فرس له، فلحق بالبحرين ثم رجع.


(١) نثا الحديث: حدّث به وأشاعه، والنثا ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيئ.