للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألم ترنا رحنا ورحل محمد … خلاء بمذعان مطوّى زمامها

وكان إذا أرض أتاها تزينت … لرؤيته صحراؤها وأكامها

فما من فتى كنا نبيع محمدا … به إن أمور الناس غالت جسامها (١)

وكانت العليّة بنت الأخطل عند لبطة بن الفرزدق، فلما مات الفرزدق عمها أقامت على قبره سبعة أيام تنحر في كل يوم جزورا.

وأما الفرزدق (٢) فاسمه همّام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن

عقال،

وكان قصيرا غليظا فشبّه بالفرزدقة وهي الجردقة التي تدق ويشربها النساء، ويكنى أبا فراس، وكان سبب قوله الشعر أن الأشهب بن ربيلة النهشلي كان يهجو غالبا أباه، فكان غالب يطلب مصالحته فيأباها، وكان الفرزدق يقول: لربما بكيت من الجزع لأن يهجو الأشهب أبي وقومي فأريد إجابته فلا يتأتى لي الشعر، فقلت أبياتا فأنشدتها أبي فقال: ائت فلانا فأنشده، فأنشدته فقال: قل يا بني على هذا، ثم لقي أبي فقال: يا أبا الأخطل إن عاش ابنك كان أشعر العرب، وما هو إلا شيء أعنت به على الأشهب لبغيه عليك.

وجعل الفرزدق يهجو الأشهب، فلما أعيا الأشهب، طلب الأشهب الصلح بعد أن كان يعرض عليه فيأباه فتهدد زباب بن رميلة وأبوه ثور الفرزدق بالقتل، فهرب إلى الشام، وإنّ زبابا نزل على غدير له فجاءه رجل من بني مناف بن دارم فخاض غديره فضرب زباب عنق بعيره فنفض بالشيخ فسقط أو كاد يسقط، فجاء قوم من بني دارم لينصروا الشيخ، فقاتلهم


(١) ديوان الفرزدق ج ٢ ص ١٩٠ - ١٩٤ مع فوارق كبيرة.
(٢) بهامش الأصل: الفرزدق الشاعر.