فقال هشام: ما تقول يا عمر؟ قال: وليت العراق فوجدت هذا صعلوكا ليس له إلاّ فرسه ورمحه، لا يعرفه أحد إلا أن له حظا من نجدة، فوليته البصرة ثم عزلته ووليته خراسان، فسرق الفيء واحتجنه ولم يبعث إلي الا ببرذونين حطمين، فعزلته وضربته، وأخذت ماله، ووضعته في بيت المال.
فقال: ألك يا سعيد حجة غير ما ذكرت؟ قال: لا. قال: فأنت يا عمر؟ قال: لا. قال: فليمسك كل واحد منكما عن صاحبه حتى يرى أمير المؤمنين رأيه، فأمسكا.
قالوا: ولما قدم ابن هبيرة على هشام وأمنه، كاده الأبرش وأصحاب خالد بن عبد الله، فأعدوا مائة من خيل المضمار سياسها وقوامها فقدموها وأضمروها، وأمروا مجرّيها أن يعارضوا بها هشاما إذا ركب يوما، فعورض بها، فسأل عنها، ورأى خيلا لا يعرفها لنفسه، فقالوا: هذه لابن هبيرة. فاستشاط غضبا، وقال: وا عجبا، اختان ما اختان ثم قدم؟ فوالله ما رضيت عنه بعد وهو يوائمني في الخيل، عليّ بعمر، فدعي به وهو يسير في عرض الموكب فجاء مسرعا وقد بلغه الخبر، فقال له هشام: ما هذه الخيل؟ قال: خيل أمير المؤمنين اخترتها وطلبتها من مظانّها حتى جمعتها لك فمر بقبضها، وكان ذلك سبب نقاء قلبه له، وانشراح صدره بالرضا عنه.
ثم لم يزل عمر يتأتى لهشام حتى أنس به، فقال له يوما: هل لك في أمر لم يطمع فيه أحد ولم يعرضه عليك قبلي أحد؟ قال: وما هو؟ قال:
اعمل لك من قبل الوليد بن يزيد في البيعة لمسلمة ابن أمير المؤمنين. قال: