ثم خرج رسول الله ﷺ للعمرة في هلال ذي القعدة سنة ست، فمنعته قريش من دخول مكة عنوة. فأقام في الحديبيّة، وكان ابن الكلبي يقول «الحديبية» - فيخففها - وأرسل رسول الله ﷺ إلى قريش:«إنا لم نأت لقتال، وإنما جئنا لسوق البدن إلى محلها، فننحرها ثم ننصرف». فأبوا إلا منعه، ووجهوا إليه سهيل بن عمرو، من بني عامر بن لؤي، ومكرز بن حفص، وحويطب بن عبد العزى. فسألوه أن ينصرف في عامه، ويعود في قابل فيقيم في مكة ثلاثة أيام لا يزيد عليها ثم ينصرف. فأجابهم إلى ذلك، وكتب بينه وبينهم كتابا بخطّ عليّ ﵇، فكتب:«بسم الله الرحمن الرحيم». فقال سهيل: لا أعرف هذا؛ اكتب كما نكتب «باسمك اللهم». وكتب:«هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله». فقال سهيل:
«لو أعلم أنك رسول الله ما خالفتك؛ أفترغب عن أبيك؟» فكتب القضية: «باسمك اللهم. هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو. اصطلحا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكفّ بعضهم عن بعض، على أنه لا إسلال ولا إغلال، وأن بيننا عيبة