ما هو أيسر عليك مؤونة، وأحبّ إليك ولاية منه، وإن الرجل الذي وليته أمر مصر؛ كان لنا نصيحا، وعلى عدوك وعدونا شديدا، فقد استكمل أيامه ولاقى حمامه ونحن راضون عنه، فأصحر للعدو، وشمر للحرب و ﴿اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ (١) واستعن بالله واستكفه يعنك ويكفك إن شاء الله.
قالوا: ولما انصرف الحكمان وتفرقا وبويع معاوية بالخلافة، قوي أمره واستعلى شأنه، واختلف أهل العراق على علي؛ فلم يكن لمعاوية همة إلا مصر، وقد كان لأهلها هائبا، لقربهم منه وشدتهم على من كان يرى رأيه، فدعا عمرو بن العاص فولاه إياها على ما كان افترقا عليه ويقال: إنه دعا: عمرو بن العاص، وحبيب بن مسلمة، والضحاك بن قيس الفهري، وبسر بن أبي أرطاة، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وأبا الأعور السلمي، ومرّة بن مالك الهمداني وشرحبيل بن السمط الكندي، فعرض ولايتها وحرب ابن أبي بكر عليهم فكرهوا ذلك إلا عمرو بن العاص، ويقال: إن عمرا استبطأ معاوية في أمر مصر؛ وما كان وعده من توليته إياها فدسّ إليه من أنشده هذين البيتين:
يا لك الخير انتهزها فرصة … واشبب النار لمقرود يكزّ
أعطه مصر وزده مثلها … انما مصر لمن عزّ فبزّ
فلما أراد الشخوص إلى مصر تقدم إليه معاوية في محاربة محمد بن أبي بكر وكتب ابن أبي بكر إلى علي؛ يعلمه ولاية عمرو بن العاص مصر، من قبل معاوية ويقول له: إنه توجه في جيش لجب، وبمن قبلي من الفشل