الرجلين، فكتب إلى مالك الأشتر:«إنك ممن أستظهر به على إقامة الدين، وأقمع ببأسه ونجدته نخوة الأثيم، وأسدّ به وبحزم رأيه الثغر المخوف».
وأخبره بأمر ابن أبي بكر، وشرحه له، وأمره أن يستخلف على عمله بعض ثقاته ويقدم عليه، ففعل فولاه مصر.
وأتت معاوية عيونه بشخوص الأشتر واليا على مصر، فبعث إلى رأس أهل الخراج بالقلزم فقال له: إن الأشتر قادم عليك؛ فإن أنت لطفت لكفايتي إياه لم آخذ منك خراجا ما بقيت، فاحتل له بما قدرت عليه.
فخرج الأشتر حتى إذا أتى القلزم - وكان شخوصه من العراق في البحر - استقبله الرجل فأنزله وأكرمه وأتاه بطعام، فلما أكل قال له: أي الشراب أحب إليك أيّها الأمير؟ قال: العسل. فأتاه بشربة منه قد جعل فيها سمّا، فلما شربها قتلته من يومه أو من غده.
وبلغت معاوية وفاته فقال: كانت لعلي يدان - يعني قيس بن سعد والأشتر - فقد قطعنا إحداهما، وجعل يقول: إن لله لجندا من عسل.
وحدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا وهب بن جرير، عن ابن جعدبة، عن صالح بن كيسان قال: وجّه عليّ الأشتر إلى مصر واليا عليها حين وهن أمر ابن أبي بكر، فلما صار بعين شمس شرب شربة من عسل - يقال:
انه سمّ فيها-؛ فمات، فكان عمرو بن العاص يقول: إن لله لجندا من عسل.
قالوا: ولما ورد على عليّ خبر الأشتر، كتب إلى محمد بن أبي بكر وقد كان وجد من تولية الأشتر مكانه:
«أما بعد فإني لم أولّ الأشتر عملك استبطاء لك في الجهد، ولا استقصارا لأمرك في الجدّ، ولو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لوليّتك