للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصار يوسف إلى دور ثقيف فأمر بعض الثقفيين أن يجمع له من قدر عليه من مضر ففعل، فدخل يوسف المسجد مع الفجر فأمر المؤذن بالإقامة، فقال: حتى يأتي الإمام. فانتهره فأقام، وتقدم يوسف فصلى وقرأ: ﴿إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ﴾ (١) و ﴿سَأَلَ سائِلٌ﴾ (٢)، ثم أرسل إلى خالد وطارق وأصحابهما فأخذوا، وإن القدور لتغلي.

وقال أبو عبيدة: حبس يوسف خالدا فصالحه أبان بن الوليد عنه وعن أصحابه على تسعة آلاف ألف درهم، ثم ندم يوسف وقيل له: لو لم تقبل هذا المال لأخذت منه مائة ألف ألف درهم، فقال: ما كنت لأرجع عن شيء رهنت به لساني.

وأخبر أصحاب خالد خالدا فقال: أسأتم حين أعطيتموه هذا المال في أول وهلة. ما يؤمنني أن يأخذها ثم يرجع عليكم فارجعوا إليه. فأتوه فقالوا: إنا أخبرنا خالدا بما فارقناك عليه من المال، فذكر أنه ليس عنده، فقال: أنتم أعلم وصاحبكم فأما أنا فلا أرجع عليكم وإن رجعتم لم أمنعكم، قالوا: فإنا قد رجعنا، قال: فوالله لا أرضى بتسعة آلاف ألف ومثلها ومثلها، فذكر ثلاثين ألف ألف ويقال مائة ألف ألف.

وقال الكميت يمدح يوسف ويهجو خالدا بقصيدة طويلة منها:

لأجري من الآلاء آل أبي عمر … اللائي لها كنت أضرب (٣)

أناس يبارون الرياح فلا القرى … بكيّ ولا الجاني لديهم مؤنّب


(١) سورة الواقعة - الآية:١.
(٢) سورة المعارج - الآية:١.
(٣) عجز هذا البيت مضطرب الوزن.