وما كنت أخشى أن أكون جنازة … عليك ومن يغترّ بالحدثان
لعمري لقد نبّهت من كان نائما … وأسمعت من كانت له أذنان
أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه … وقد حيل بين العير والنزوان
فأيّ امرئ ساوى بأمّ حليلة … فلا عاش إلا في مقرّ هوان
قال أبو عبيدة، فلما طال به البلاء، وتناءت في موضع الجراحة منه قطعة مثل اللبد في جنبه قالوا له لو قطعتها، وعولج قطعها رجونا أن تبرأ.
فقال: شأنكم وأشفق عليه بعضهم من ذلك، فأبى فأخذوا شفرة فقطعوا ذلك المكان فيئس من نفسه فقال:
كأني وقد أدنوا لحزّ شفارهم … من الصبر دامي الصفحتين نكيب
فقلت لهم لا تحرقوني فإنني … مقيم مكاني ما أقام عسيب
ومات فدفنوه، ورثته أخته خنساء بالشعر الذي رثته به. ويقال إنه دخلت في لحمه حلق من حلق الدرع فاندملت الجراحة ثم انتقضت بعد حين، فكان ذلك سبب موته. ويقال أصابته دبيلة في بطنة من الطعنة، ويقال: إن يهوديا رأى جماله فقال: إني لأحسد العرب على أن يكون فيها مثل هذا فسقاه شربة هاجت عليه ألم الطعنة ونقضت جرحها، والأول أثبت.