الحارث بن المطلب حبا شديدا، فوهبها له وخلع عليه الثياب التي كان لبسها، فقال الحارث نشدتك الله لمّا رددت الجارية إلى منزلك ولبست ثيابك، فقال: هي حرة إن أنت لم تقبلها فصارت له.
ومات الحارث بن المطلب قبل أبيه، فنظر إلى مضجعه بعد حول فقال: هذا مضجع ابني الحارث وشهق شهقة خرجت معها نفسه:
ولما تنسك الحكم كان يعلق اللحم بيده إلى منزله تواضعا، ومات الحكم بمنبج وبها دفن، فقال الراتجي يرثيه:
ماذا بمنبج أمسى في مقابرها … من التهدم بالمعروف والكرم
سألوا عن الجود والمعروف ما فعلا … فقلت إنهما ماتا مع الحكم
ماتا مع السيد الموفي بذمته … قبل السؤال إذا لم يوف بالذمم
قالوا: وانقطع شسع نعل الحكم فطرحها فأخذها بعضهم فأصلحها وأتاه بها، فوهب له ثلاثين دينارا وقال: خذ النعل فهي لك.
وكان عبد العزيز بن المطلب أخو الحكم، والحارث ابني المطلب، ويكنى أبا المطلب، قاضيا على المدينة لأمير المؤمنين أبي جعفر المنصور، وعبد العزيز الذي يقول:
ذهبت وجوه عشيرتي فتخرموا … وبقيت بعدهم لشر زمان
أبغي الأنيس فما أرى من مؤنس … لم يبق لي سكنا من السكان
وكان عبد العزيز بن المطلب تزوج امرأة قد تزوجها قبله أربعة، فلما مرض قالت: من لي بعدك يا سيدي؟ قال: السادس الشقي.
وكان عبد العزيز ردئ العين، فكان لا يكاد يرفع طرفه، وكان يقول: كان أخي الحارث عليل العين وكان يكحل، فيقال اكتحل مع أخيك، فأفسدت عيني.