للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طرف المدينة، فلما صار بفيد وجد بها الحكم بن المطلب وهو على سعاية المدينة والحجاز وبعض نجد، فأتاه فلما رآه قام إليه وأجلسه على فراشه وسأله عن مقدمه فشرح له قصته ثم قال له: إني لم أتلقاك ولكني أشيعك إلى منزلك، فلما دخل منزل القرشي رأى تلك الهدايا فقال: لمن هذه؟ فقدمت إليه فأكل منها، وقال القرشي لغلمانه: احملوا إلى منزله فحملت، ثم قال:

ههنا مال من مال الصدقات وأنت غارم فأنت أحقّ به فأعطاه ذلك المال وهو أربعة آلاف دينار، وإنما كان دينه قريبا من ثلاثة آلاف دينار، وقال له الحكم: قد قرّب الله عليك الخطوة فانكفأ القرشي راجعا وشيعه الحكم، فلما أراد مفارقته قال له: إن زوجتك تسألك عن طرائف العراق، وهذه خمسمائة دينار، وكانت معه في صرة، فأعطاه إياها عوضا عن هدية العراق.

ولما عزل عن السعاية أخذ بالحساب وقال له الذي ولاه: أين الإبل والغنم؟ قال: أكلنا لحومها بالخبز واطعمناها. قال: فأين الدنانير والدراهم؟ قال: اعتقدنا بها الأيادي، وقضينا الحقوق، فأمر به فحبس، فقال بعض شعراء الأنصار:

خليليّ إن الجود في السجن فابكيا … على الجود إذ سدّت علينا طرائقه

ترى عارض المعروف كل عشية … وكل ضحى يستنّ في السجن بارقه

فأعطاه ثلاثة آلاف درهم وهو محبوس.

وكان قد هوي جارية نفيسة فاشتراها بمال عظيم، فلما أراد أن يدخل عليها لبس ثيابا سرية، ودخل على أبيه ليدعو له بالبركة فقال: أقسمت عليك يا بنيّ لمّا وهبت الجارية لأخيك الحارث بن المطلب، وكان أبوه يحب