وكان منهم عامر بن شراحيل الشعبي وكان قتيبة بالري، وسأل الحجاج عن الشعبي فأخبره يزيد بن أبي مسلم، مولى الحجاج، بمصيره إلى قتيبة، فكتب إلى قتيبة باشخاصه فلما قدم به استشار ابن أبي مسلم في أمره فقال: ما أدري ما أشير به، غير ان اعتذر ما استطعت، فلما دخل على الحجاج سلم بالإمرة ثم قال: أيها الأمير إن الناس أمروني أن اعتذر إليك بغير الحق، وايم الله لا قلت في مقامي هذا إلا حقا، قد والله سعرنا عليك الحرب واجتهدنا كل الجهد فما ألونا، ولقد نصرك الله علينا وظفرك بنا، فإن سطوت علينا فبذنوبنا وما كسبت أيدينا، وإن عفوت فبحلمك عنا وبعد الحجة علينا.
فقال: أنت والله أحب إلي قولا ممن يدخل علينا وسيفه يقطر من دمائنا فيقول والله ما فعلت ولا شهدت، فقد أمنت عندنا يا شعبي فانصرف، قال الشعبي: ثم دعاني فارتعت حتى ذكرت قوله أنت آمن عندنا فاطمأننت، فلما دخلت عليه قال: هيه يا شعبي. فقلت: أصلح الله الأمير، أوحش الجناب وأحزن المنزل ونبا بنا، واستشعرنا الخوف، واكتحلنا السهر، واستحلسنا