قالوا: كان داود بن النعمان أحد بني أنمار بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة، عابدا مجتهدا، وكان يقول لأصحابه: إني مللت الدنيا والمقام في دار الكفر مع الظلمة الكفرة، وقد انقطع العذر. فقال له أصحابه: فما يمنعك من الخروج؟ قال: مكان أبي بهذه البلاد.
ثم حجّ ورجع فقال لأصحابه: اخرجوا بنا إلى البصرة فإنّ لنا بها إخوانا، فأجابه أربعون رجلا. وبلغ أباه أمره فقال: يا بنيّ إني أخاف أن يشفي بك أمرك هذا على أمر يفسد دينك ودنياك فاتّق الله وانظر لنفسك فإن الناس قد اختلفوا، فقال: يا أبت فإنّ الله أكرم من أن يضلّ طالبه.
فقال: يا بنيّ إنّ لي مالا كثيرا عينا قد ذخرته لك، قال: لا حاجة لي فيه، إن الله يقول: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ (١) الآية.