إليه في كل سنة ألف ألف درهم وعروض وهدايا من كل ضرب، فلما توفي معاوية ﵀ للنصف من رجب سنة ستين وولي يزيد بن معاوية الأمر بعده كتب يزيد إلى عامله الوليد بن عتبه بن أبي سفيان في أخذ البيعة على الحسين وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، فدافع الحسين بالبيعة، ثم شخص إلى مكة فلقيه عبد الله بن مطيع العدوي من قريش فقال له:
جعلت فداك أين تريد؟ قال: أما الآن فأريد مكة وأما بعد أن آتى مكة فإني أستخير الله، فقال: خار الله لك يا بن بنت رسول الله وجعلني فداك، فإذا أتيت مكة فاتق الله ولا تأت الكوفة فإنها بلدة مشؤومة بها قتل أبوك وطعن أخوك، وأنا أرى أن تأتي الحرم فتلزمه فإنك سيد العرب، ولن يعدل أهل الحجاز بك أحدا و والله لئن هلكت لنسترقّنّ بعدك.
ويقال إنه كان لقيه على ماء في طريقه حين توجه إلى الكوفة من مكة، فقال له: إني أرى لك أن ترجع إلى الحرم فتلزمه، ولا تأتي الكوفة.
ولما نزل الحسين مكة جعل أهلها يختلفون إليه. ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق، وابن الزبير بمكة قد لزم جانب الكعبة يصلي ويطوف، ويأتي الحسين وهو أثقل الناس عليه.
وحدثت عن أبي محنف عن عبد الملك بن نوفل عن مساحق عن أبي سعيد المقبري قال: رأيت حسينا يمشي بين رجلين حين دخل مسجد رسول الله ﷺ وهو يقول:
لا ذعرت السوام في وضح الصبح مغيرا … ولا دعيت يزيدا يوم أعطى مخافة الموت ضيما