فلما كثر اختلاف الناس إليه، أتى عمرو بن عثمان بن عفان مروان بن الحكم وهو إذ ذاك عامل معاوية على المدينة فقال له: قد كثر اختلاف الناس إلى حسين، و والله إني لأرى أن لكم منه يوما عصيبا.
فكتب مروان ذلك إلى معاوية، فكتب إليه معاوية: بأن اترك حسينا ما تركك ولم يظهر عداوته ويبدي صفحته، واكمن عنه كمون الثرى إن شاء الله والسّلام.
وكتب معاوية إلى الحسين: أما بعد فقد أنهيت إلى عنك أمور إن كانت حقا فإني لم أكن أظنها بك رغبة عنها، وإن كانت باطلا فأنت أسعد الناس بمجانبتها وبحظ نفسك تبدأ، وبعهد الله توفي، فلا تحملني على قطيعتك والإساءة إليك، فإني متى أنكرتك تنكرني، ومتى تكدني أكدك، فاتق الله يا حسين في شقّ عصا الأمة، وأن تردهم في فتنة.
فكتب إليه الحسين كتابا غليظا يعدّ عليه فيه ما فعل في أمر زياد وفي قتل حجر، ويقول له: إنك قد فتنت بكيد الصالحين مذ خلفت: فكدني ما بدا لك.
وكان آخر نص الكتاب: والسّلام على من اتبع الهدى.
فكان معاوية يشكو ما كتب به الحسين إليه إلى الناس، فقيل له:
اكتب إليه كتابا تعيبه وأباه فيه، فقال: ما عسيت فيه أن أقول في أبيه إلا أن أكذب. ومثلي لا يعيب أحدا بالباطل، وما عسيت أن أقول في حسين ولست أراه للعيب موضعا إلا أني قد أردت أن أكتب إليه فأتوعده وأتهدده، ثم رأيت ألا أجيبه.
ولم يقطع معاوية عن الحسين شيئا كان يصله ويبره به، وكان يبعث