أنا في الخيل فلا يشعر ابن هند إلا ونحن معه في عسكره فنضاربه حتى يحكم الله بيننا وبينه وهو خير الحاكمين، فإنهم الآن غارون .. فقال: إنا قد بايعنا وليس إلى ما ذكرت سبيل.
قالوا: فلما توفى الحسن بن علي اجتمعت الشيعة ومعهم بنو جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي، وأم جعدة أم هانئ بن أبي طالب في دار سليمان بن صرد، فكتبوا إلى الحسين كتابا بالتعزية وقالوا في كتابهم: إن الله قد جعل فيك أعظم الخلف ممن مضى، ونحن شيعتك المصابة بمصيبتك، المحزونة بحزنك، المسرورة بسرورك، المنتظرة لأمرك.
وكتب إليه بنو جعدة يخبرونه بحسن رأي أهل الكوفة فيه، وحبهم لقدومه وتطلعهم إليه، وأن قد لقوا من أنصاره وإخوانه من يرضى هديه، ويطمأنّ إلى قوله، ويعرف نجدته وبأسه، فأفضوا إليهم بما هم عليه من شنآن ابن أبي سفيان والبراءة منه، ويسألونه الكتاب إليهم برأيه.
فكتب إليهم: إني لأرجو أن يكون رأي أخي ﵀ في الموادعة ورأيي في جهاد الظلمة رشدا وسدادا، فالصقّوا بالأرض، واخفوا الشخص، واكتموا الهوى واحترسوا من الأظناء مادام ابن هند حيا، فإن يحدث به حدث وأنا حي يأتكم رأيي إن شاء الله.
وكان رجال من أهل العراق ولثمان (١) أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين يجلّونه ويعظمونه ويذكرون فضله ويدعونه إلى أنفسهم ويقولون: إنّا لك عضد ويد ليتخذوا الوسيلة إليه وهم لا يشكّون في أن معاوية إذا مات لم يعدل الناس بحسين أحدا.