للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هشام بن عمّار والمدائني عن أشياخهم قالوا: كان عبد الملك يشتو بالصّنّبرة من الأردن، فإذا انسلخ الشتاء نزل الجابية، وأمر لأصحابه بأنزال ويفرق أغناما على قدر منازلهم، فإذا مضت أيّام من آذار دخل دمشق فنزل دير مرّان (١)، حتى إذا جاءت حمّارة القيظ أتى بعلبكّ فأقام بها حتى تهيج رياح الشتاء، فيرجع إلى دمشق فإذا اشتدّ البرد خرج إلى الصنبرة.

قال المدائني: وبها مات يوم مات.

المدائني قال تغدي شبّة بن عقال يوما عند عبد الملك فأتي بخزيرة (٢)، فضحك شبّة، فغضب عبد الملك وقال: ما أضحكك؟ قال: تعيير جرير مجاشعا بالخزيرة، وهي مائدة أمير المؤمنين، وإنما ضحك من السخينة التي تعيّر بها قريش.

المدائني قال: دعا عبد الملك عبيد الله بن زياد بن ظبيان أو غيره إلى الغداء فأكل معه، فجعل يتناول مما بين يديه فقال له عبد الملك - ويقال بعض من كان على رأسه: كل مما بين يديك، فقال: أو في مائدة أمير المؤمنين حمى؟ فقال عبد الملك: لا كل من أيها شئت.

حدثني بعض الشاميين قال: خطب عبد الملك بن مروان وأعرابي يسمع خطبته، فقال له رجل من قريش: كيف ما تسمع؟ فقال لو كان كلام يؤتدم به لكان هذا.


(١) خارج دمشق عند خانق الربوة حيث قصر الشعب الجديد.
(٢) الخزيرة: شبه عصيدة بلحم وبلا لحم، عصيدة أو مرقة من بلالة النخالة، والسخينة: طعام رقيق يتخذ من دقيق ولقب لقريش لاتخاذها إياه، وكانت تعير به. القاموس.