للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالد عن أبيه عن الشعبي أن عمرو بن معدي كرب الزبيدي وفد على عمر بن الخطاب بعد فتح القادسية، فسأله عن سعد وعن رضا الناس عنه، فقال تركته يجمع لهم جمع الذرّة، ويشفق عليهم شفقة الأم البرّة، أعرابي في نمرته (١)، نبطي في جبايته يقسم بالسوية ويعدل في القضية ويبعد بالسرية، فقال عمر: كأنكما تقارضتما الثناء، وكان سعد كتب يثني على عمرو، فقال عمرو: كلا يا أمير المؤمنين ولكني أثنيت بما أعلم.

قال: يا عمرو أخبرني عن الحرب. قال: مرة المذاق إذا قامت على ساق، من صبر فيها عرف، ومن ضعف عنها تلف. قال: فأخبرني عن السلاح، قال: سل عمّ شئت منه. قال: الرمح؟ قال: أخوك وربما خانك، قال: فالسهام؟ قال: رسل المنايا تخطئ وتصيب. قال:

فالترس؟ قال: ذلك المجنّ وعليه تدور الدوائر، قال: فالدرع؟ قال:

مشغلة للفارس متعبة للراجل، وإنها لحصن حصين. قال: فالسيف؟ قال هناك ثكلتك أمك، قال عمر: بل ثكلتك أمك، فقال عمرو: الحمى أضرعتني إليك (٢).

حدثنا شيبان بن فروخ الآجري، ثنا أبو هلال الراسبي، ثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: استعملني عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على البحرين، فاجتمع لي اثنا عشر ألفا فلما قدمت عليه قال: يا عدوّ الله وعدوّ المسلمين، أو قال: وعدو كتابه، سرقت مال الله؟ قال: قلت:


(١) النمرة: شملة مخططة من مآزر العرب. اللسان.
(٢) مثل يضرب عندما يضطر القائل إلى قبول الذل، والمراد هنا أن الاسلام وامرة المؤمنين أرغمت عمرا على السكوت والإغضاء.